في انتظار المزيد من هدايا ترامب!

بعد اختيار نتنياهو: في انتظار المزيد من هدايا ترامب!

  • بعد اختيار نتنياهو: في انتظار المزيد من هدايا ترامب!

فلسطيني قبل 5 سنة

بعد اختيار نتنياهو: في انتظار المزيد من هدايا ترامب!

خطاب الفوز لبنيامين نتنياهو فجر الأربعاء أمام مئات أعضاء الليكود المتحمسين في تل أبيب خصص في معظمه لكبر الإنجاز التصويتي في الانتخابات. ولكن بين الشكر لله والإطراء لأعضاء الحملة اختفت ملاحظة سياسية هامة. رئيس الحكومة وصف «تحديات كبيرة أمامنا»، منها «تحديات للتطبيع والسلام مع العالم العربي». تقف الآن أمام نتنياهو مهمات ثقيلة: تشكيل الائتلاف، وتعيين الوزراء، وبعد ذلك محاولة إجازة ميزانية جديدة للدولة بسرعة، على فرض أن هذا الأمر سيساعد على استقرار ولاية حكومته لفترة طويلة. في الخلفية يقف أمامه الهدف الأكثر حسماً وهو الجهود لوقف، أو على الأقل، إبطاء عقارب الساعة القانونية التي تعمل ضده، مع التقديم المتوقع للوائح الاتهام الثلاث، (وفتح محتمل لتحقيق آخر).

إن احتمالية أن ينجح في تشريع القانون الفرنسي الذي يوقف الإجراءات القانونية ضد رئيس الحكومة الذي يتولى منصبه، تبدو ضعيفة. النقاش يتركز الآن على إعادة قانون الحصانة إلى صيغته السابقة، التي ستمكن الليكود من محاولة إحباط رفع الحصانة، وهو تغيير يمكن أن يهم أعضاء رئيسيين آخرين في الائتلاف مثل آريه درعي وحاييم كاتس ودافيد بيتان لاعتبارات مختلفة. ولكن السيناريو الذي تم وصفه هذا الأسبوع على أنه السيناريو الأكثر معقولية يتعلق بما بدا حتى قبل بضعة أشهر غير معقول تماما، في دولة مليئة بالأزمات مثل إسرائيل. يمكن لنتنياهو مواصلة قيادة حكومته خلال سير محاكمته. يبدو أن شركاءه في الائتلاف سيوافقون، وفي ظل غياب منع صريح، سواء في حكم أو في القانون، أيضاً المحكمة العليا لن تتدخل.

كل ذلك سيتبين بوضوح عند طرح خطة السلام للإدارة الأمريكية. الرئيس ترامب تطرق لذلك في هذا الأسبوع عندما هنأ نتنياهو بالفوز وقال إن انتخابه يحسن احتمالات السلام. ولكن الحلم القديم لليسار عن إملاء أمريكي سيفرض على نتنياهو تنازلات بعيدة المدى للفلسطينيين يبدو اليوم مقطوعاً عن الواقع. يظهر أن الرئيسين متناسقان في خطواتهما. ترامب يغدق على نتنياهو المزيد والمزيد من الهدايا: نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، والاعتراف بسيادة إسرائيل في هضبة الجولان، وأضيف إلى كل ذلك عشية الانتخابات قرار الإعلان عن حرس الثورة الإيراني كمنظمة إرهابية. نتنياهو في تغريدة بالعبرية في «تويتر» هنأ ترامب لأنه وافق على «طلب آخر هام بالنسبة لي». لم يبق من التدخل الإسرائيلي في القرار أي ذكر في التغريدة الموازية لرئيس الحكومة باللغة الإنجليزية.

صفقة القرن، إذا تم عرضها بعد تأجيلات كثيرة، ستكون اقتراحاً سهلاً نسبياً بالنسبة لإسرائيل. فهي ستمكن نتنياهو، أيضاً كرئيس ائتلاف يميني، من أن يرد عليها بالإيجاب من خلال عرضه عدة تحفظات والانتظار للرفض المتوقع لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. في الخلفية ينتظر تحقق حلم اليمين وهو ضمُّ جزء من مناطق الضفة الغربية، كتطبيق أحادي الجانب في خطة ترامب بعد الـ «لا» الفلسطينية. الأمل في اليمين هو أن الاعتراف الأمريكي بهضبة الجولان سيستخدم كسابقة لأنه يستند إلى نفس المبرر، وضع اليد على أراض في حرب دفاعية فرضت على إسرائيل. هذه الأمور حدثت بصورة موازية في حرب الأيام الستة.

روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط، وهذا المعهد يحافظ على علاقات وثيقة مع المؤسسة الإسرائيلية، وتعتبر فترة أبحاث محطة إلزامية لكبار رجال جهاز الأمم في فترة قريبة من نهاية ولايتهم (قريباً سيكون هناك رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت). في مقال نشر في موقع مجلة «فورين بوليسي» غداة الانتخابات في إسرائيل، حذر ساتلوف من أن عرض خطة ترامب قريباً سيؤدي إلى كارثة. «سيرتكب الرئيس خطأ حقيقياً إذا أخذ الاقتراحات التي بلورها صهره جارد كوشنر التي ما زالت سرية ونشرها باسم الولايات المتحدة»، كتب ساتلوف.

ساتلوف يتوقع فشل الخطة. الشرخ بين إسرائيل والفلسطينيين كبير، والتقارب الزائد بين الإدارة وإسرائيل لا يسمح لها بأن تعتبر وسيطاً نزيهاً. الخطة ستضر حسب أقواله بمصالح أمريكا في ثلاثة مجالات حاسمة: يمكن أن تؤدي إلى ضم أجزاء من الضفة من قبل إسرائيل، ومنح السعودية قوة للمساومة الزائدة أمام الولايات المتحدة (التي تحتاجها من أجل تطبيق خطتها)، وحرف الانتباه عن إنجاز هام للإدارة الأمريكية في المنطقة وهو زيادة الضغط على إيران. الوضع الراهن في العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية الذي يتم التعبير عنه بالتنسيق الأممي الفعال بينهما يمكن أن ينهار مثل برج من ورق عندما سيرفض عباس الاقتراح. الخطة، كتب ساتلوف، هي في هذه الأثناء خطة كوشنر وليس خطة ترامب.

المتهم الفوري

نتنياهو عبر للمرة الأولى عن دعمه لفكرة ضم أجزاء من الضفة في أواخر الحملة الانتخابية، في الوقت الذي كان يخشى فيه من فقدان أصوات على يمين حزب الليكود. مثل غيره من الوعود الانتخابية فإن التطبيق شيء آخر مختلف تماماً. رئيس الحكومة يمكنه إبقاء هذه الفكرة في الهواء كإغراء مستقبلي لشركائه. وتبرير عدم تطبيقها بأن الظروف السياسية غير ناضجة.

ولكن فكرة الضم وخطة ترامب بشكل عام، تثير مخاوف لدى الفلسطينيين، بل لدى الأردن أيضاً. أبو مازن الذي شارك في المنتدى الاقتصادي الذي عقد في عمان في بداية هذا الأسبوع لم يلق خطاباً في المؤتمر. وزير خارجية عُمان، يوسف بن علوي، أثار عليه غضب عدد من المشاركين عندما قال إن الفلسطينيين يجب عليهم أن يتعهدوا لإسرائيل بأنها لن تكون تحت التهديد الأمني. الفلسطينيون يخافون من أن السعودية ودول خليجية أخرى، بسبب علاقاتها القريبة مع إدارة ترامب، ستتبنى المبادرة الأمريكية وستتخلى عنهم، مع الانتقال على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. من الصعب التصديق بأن هذا سيحدث، لكن الشكوك الفلسطينية بالرئيس هي الآن في الذروة. الأردن قلق من التداعيات المحتملة عليه مثل اندلاع موجة عنف جديدة على أراضيه، تنزلق أيضاً إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في المملكة. القدس أيضاً مصدر خطر في مثل هذه الظروف. في جهاز الأمن الإسرائيلي يصفون سيناريو تقوم فيه الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية بتأجيج الحرم احتجاجاً على خطة ترامب التي ستمنح الفلسطينيين مكانة متدنية في المدينة. في ضجة الانتخابات نسي الإعلام الإسرائيلي ما يحدث في قطاع غزة. الأسبوعان الأخيران في القطاع بعد مظاهرات يوم الأرض كانا هادئين بصورة استثنائية. الجيش الإسرائيلي وبصورة متعمدة كان منضبطاً وقلل من حضوره المتزايد حول القطلاع. زعماء حماس لم يهنئوا نتنياهو مثل ترامب، لكن من المعقول الافتراض أنهم غير حزينين. نتنياهو يسعى إلى مواصلة الفصل بين الضفة والقطاع وهي سياسة تخدم حماس أكثر من السلطة بكثير.

في الطرفين يظهر نضج متزايد لإنهاء صفقة لوقف إطلاق نار طويل المدى في القطاع. لحماس قليل من أدوات الضغط العنيفة على نتنياهو منذ اللحظة التي اجتاز فيها بسلام امتحان صناديق الاقتراع. نسبة التصويت العالية لليكود في مدن مثل عسقلان وأسدود تدل على أن الكثيرين من سكان غلاف غزة سيؤيدون كل قرار يتخذه رئيس الحكومة. في العقد الأخير أظهر نتنياهو الحذر من استخدام القوة العسكرية، لا سيما في القطاع. إذا كان هناك خطر مستقبلي فسيمسّ إمكانية أن الفوز السياسي سيولد الشعور بالتفوق لزعيم لا يمكن أن يهزم، سيأخذ على عاتقه مغامرات أمنية غير محسوبة. لا توجد حتى الآن إشارات على حدوث هذا. مع كل الانتقادات على سلوكه في مجالات أخرى، فإن خشية نتنياهو من التورط في حروب زائدة تستحق التقدير.

الأمن يَجُبّ الفساد

هذه هي الحملة الانتخابية الخامسة التي ينهيها نتنياهو بالفوز (في الوسط كان هناك هزيمتان 1999 و2006، التي يقلل اليوم ذكرهما). فوز كتلة اليمين لم يكن مفاجئاً، لقد كان متوقعاً في معظم الاستطلاعات، ويبدو أن معظم مستهلكي وسائل الإعلام الإسرائيلية يعرفون كيف يحسبون الافتراض المفهوم بأن النتائج الحقيقية في الصناديق ستكون أفضل لليمين مما تظهره نتائج العينات في ليلة الانتخابات والاستطلاعات التي سبقتها. نتنياهو يفوز المرة تلو الأخرى لأنه بالنسبة لناخبيه ليس مجرد ساحر سياسي، بل هو سياسي متفوق، ينجح في الحفاظ على أمن الدولة رغم الظروف الصعبة والمتغيرة بسرعة. خلافاً لآمال معارضيه، فإن تراكم لوائح الاشتباه ضده لم تغير التصويت. يمكن التقدير أن أغلبية مصوتي اليمين ما زالوا يعتقدون أن الدفاع عن أمن المواطنين الشخصي يسبق فحص الادعاءات حول الفساد. وآخرون لا يصدقون رواية الشرطة والنيابة العامة.

نحن الآن في ذروة فترة الجلد الذاتي الأخلاقي لليسار، التي ستنشغل بها عشرات مقالات الرأي في إسرائيل في «هآرتس» في الأسابيع القادمة. ولكن خلافاً لعدد من الادعاءات الفورية التي سمعت، يبدو أن اليسار لم يشطب ولم يختف. الأصوات تحركت في أغلبها داخل الكتلة، من العمل وميرتس اللذين ظهرا كأقل أهمية في الحسم وحتى أزرق أبيض الذي ظهر للحظة كصاحب الاحتمال الأكبر للفوز على نتنياهو. الرغبة في إسقاط بيبي كان الاعتبار الأساسي الذي وجه التصويت. ولكن سبب الهزيمة الرئيسي يكمن في فجوة العدد التي لا ينجح اليسار في التغلب عليها، إلى جانب طابو سياسي لا يمكنه حتى الآن تحطيمه. منذ عقدين ومعسكر اليمين أكبر بقليل من اليسار، الأحزاب الأصولية تتوجه بشكل تلقائي نحو حكومة يمينية، وتغير مواقفها في ظل وجود خطر حقيقي، لأن يبقوا في الخارج. في حين أن الأحزاب العربية لا يتم احتسابها على الإطلاق في حساب الائتلافات.

بني غانتس ظهر كمرشح فعال أكثر من الثنائي بوغي هرتسوغ وتسيبي لفني في العام 2015. وقد وقع على نتيجة تثير الانطباع حصل عليها في زمن قياسي ـ عشرة أسابيع بعد أن قفز إلى البركة السياسية. ستة أسابيع فقط بعد توحيد القوائم مع يئير لبيد. في الطريق وقف باحترام أمام حملة عدائية وقبيحة أدارها الليكود ضده، الذي لم يستبعد توجيه ضربات متعمدة تحت الحزام. ولكن هذا ظهر حتى الآن كسقف زجاجي لغانتس وكتلة اليسار ـ وسط كلها. الأشهر القريبة القادمة ستخرج غانتس بعيداً عن منطقة راحته، لبيد وعد بتنغيص حياة نتنياهو من المعارضة. ولكن غانتس رغم ماضيه العسكري لا يسعى إلى حروب من جهة، وهو غير متميز في فرض السيادة من جهة أخرى. قسم الوحدة لأصدقائه في القيادة يفضل أن يقرأه مع القليل من الشك. كل واحد من الثلاثة الذين جاءوا تحته في أزرق أبيض يعتقد أنه مناسب أكثر من غانتس لقيادة الحزب. وسواء طال الوقت أم قصر فسيتم استلال السكاكين مثلما يحدث دائماً.

ملف قديم ـ جديد

مع تشكيل الائتلاف سيتبين توزيع الحقائب الرئيسية في حكومة نتنياهو الخامسة، حقيقة الأمن والمالية والخارجية. افيغدور ليبرمان مرشح طبيعي للعودة إلى وزارة الدفاع. بعد أن فاجأ المستطلعين والمحللين واجتاز نسبة الحسم بثقة هذه المرة. جزء كبير من حملة إسرائيل بيتنا انشغل بالحفاظ على مصالح ناخبيه، أبناء المهاجرين من الاتحاد السوفييتي سابقاً أمام المؤسسة الدينية ـ الأصولية. الآن يجب على ليبرمان أن يعرض عليهم إنجازات واضحة، في حكومة الحزبين الحريديين يتوقع فيها أن يكونا قويين ومهيمنين أكثر من السابق. يتوقع أن تكون هذه مسألة رئيسية في المفاوضات التي سيجريها مع نتنياهو.

السنتان والنصف التي قضاها ليبرمان في وزارة الدفاع حتى استقالته كانت متوترة ومحبطة له. بؤرة الاحتكاك الأساسية مع نتنياهو تعلقت بالتعامل مع حماس في قطاع غزة. في هذه الأثناء، كما قلنا، يبدو أن رئيس الحكومة لا ينوي الانحراف عن سياسته لضبط النفس في الجنوب. مشكوك فيه إذا كان نتنياهو معني بتحسين بصورة كبيرة مكانة أحد وزراء الليكود، وحتى لو كان بعضهم (يوآف غالنت وإسرائيل كاتس) كانوا بالتأكيد سيسعدون بتولي هذا المنصب. لذا فإن رئيس الحكومة سيفضل الحفاظ على حقيبة الدفاع في يده. نتنياهو سيخاطر بفقدان طبقة الحماية بينه وبين المسؤولية عن أخطاء أمنية عند حدوث ذلك، لكن هناك مزايا كثيرة في الحفاظ على علاقة مباشرة مع الجيش.

في هيئة الأركان العامة ينتظرون بصبر تعيين وزير الدفاع. رئيس الأركان الجديد، افيف كوخافي، تولى منصبه قبل ثلاثة أشهر. الكثير من الإجراءات التي سيقوم بها ترتبط بالانحراف عن الميزانية ومصادقة المستوى السياسي، ونتنياهو لم يتفرغ بعد لشؤونه بسبب الحملة الانتخابية. الجيش نجح في تحقيق الهدف الذي وضعه رئيس الحكومة ـ منع اندلاع مواجهة عنيفة في القطاع عشية الانتخابات. الآن يتوقعون خطوات حاسمة في الأشهر القريبة، لا سيما الحاجة الملحة كي يحسنوا بدرجة كبيرة القدرات العملياتية للقوات البرية.

عاموس هرئيل

هآرتس 12/4/2019

 

التعليقات على خبر: بعد اختيار نتنياهو: في انتظار المزيد من هدايا ترامب!

حمل التطبيق الأن